صدرت ترجمة المترجم التونسي عبد الوهاب الملوح لكتاب جان بول سارتر دفاتر الحرب الغريبة مما يقارب 500صفحه  وهو موجود بمكتبات القاهرة والإسكندرية   ، تكفلت بالنشر والمراجعة  والتدقيق صفحة سبعة للنشر بالسعودية .وهنا جزء من المقدمة: قال الفيلسوف الرواقي سينيكا : سأراقب نفسي دومًا، وسأضع كل يوم من حياتي قيد التقييم. هذا هو ما يجعلنا أشرارًا؛ أن لا ننظر إلى الخلف، ولا نفكر سوى فيما نقدم عليه.لقد كان العنوان الأصلي لهذا الكتاب "يوميات الحرب الغريبة" مرفوقا بعنوان فرعي رسائل للكاستور وآخرين  وهو بالفعل يوميات بما إن الكاتب عمد على مدار سنة وسبعة أشهر على الكتابة كل يوم مشيرا إلى ذلك لليوم والتاريخ والشهر وهو ٱيضا رسائل لما تخللت هذه الأيام من رسائل بين جان بول سارتر ومختلف معارفه، غير إن عنونته في نهاية المطاف بالدفاتر له دلالة أوسع وأشمل من اليوميات ومن الرسائل منسجمة مع طبيعة هذه الكتابات الخارجة عن التصنيف ناهيك على إنها تتخذ في بعض وجوهها صيغة الثرثرة  اليومية  التي تضرب عرض الحائط بكل ما هو كتابة رسمية إضافة لما جاءت عليه في وجوه  ٱخرى مستعيرة أشكال التواصل الكلامي في مقامات مختلفة من مثل التحقيقات أو الخطابات السياسية أو المقالات الصحفية أو البطاقات  البريدية والتداعيات الحرة التي وإن جاءت في شكل مادة حلمية ففي مواضع أخرى اتصفت بالاعترافية الحارة والجريئة إلى غير ذلك من أصناف الخطاب ، ‏ينسف سارتر  كل شيء ويأخذ القاريء حيث لن يصدق أي شيء ولا حتى ذاته وأول ما يلفت الانتباه في كل هذا التخريب الممنهج أنه يقطع مع كل أشكال أساليب الكتابة المألوفة فلا تأتي كتابته على نمط واحد حتى ان جملته طائشة دائما ، ‏وبينما يكون في عمق تحليل مفهوم "في -الذات" وعلاقته ب"للذات" ينتقل  للحديث عن نوع الطعام الذي هو بصدد تناوله عند العشاء يورد فيما بعد حديثا دار مع قناصين يقتبس فيما بعد تصريحا لرئيس حكومة فرنسا يستعيد جولة له مع دي بوفوار ليتحاور مع مذكرات اندريه جيد ثم يقول  "هاهنا  كذا"ويوغل في نقد معجمه اللغوي حتى أنه لا يتأخر عن ذكر ما يعيبه عنه الآخرون لاستعماله المفرط ل "هاهنا ". والمتأكد؛ إن هذا الفيلسوف الأحول القصير لم يكن في نيته أن يكتب كتابا وفق الأساليب الأدبية البلاغة البيانية التي دأب الكتاب على اعتمادها في مؤلفاتهم فانضبطوا لصارم قواعدها بل عمد وكما قال رولان بارت بعدها بسنوات في يوميات الحداد تجنب الأدبية حين قال في يوميات الحداد :" هذه اليوميات ابعد ما تكون عن الأدب". والظاهرإن هذا الكتاب هو أبعد عن أن يكون أدبا بالمفهوم المتعارف عليه للأدب بل هو(قليل الأدب في الكثير من المواضع) ليس من وجهة النظر الإخلاقية السلوكية بل حتى إنسانيا. في الحقيقة؛ كان صاحب كتاب "الوجود والعدم" حاسما في مسأة عدم نشر هذه الدفاتر في البدء لما تضمنته الكثير من خصوصياته ومن الأشياء الشخصية الحميمية والمتعلقة بعلاقاته مع بعض النساء وبعض الأصدقاء من الذكور والمتعلقة أيضا بنقده الذاتي لنفسه والتي فيها الكثير من التجريح وما قد يسيء للآخرين غير إنه طلب من سيمون دي بوفوار نشرها بعد موته لكن على شرط ٱن تنقحها هي وتذيلها بتعليقاتها وقد صدرجزء من هذه الدفاتر في كتاب "رسائل لسيمون دي بوفوار لكن ليس بالشكل الذي جاءت عليه في الدفاتر الأصلية. فأصل هذا الكتاب هو خمسة عشر دفترا كتبها جان بول سارتر خلال فترة تجنيده في بداية الحرب العالمية الثانية بين سبتمبر 1939ومارس 1940والتي ضاع أغلبها وبقي منها فقط ستة دفاتر قامت ابنة سارتر بالتبني الجزائرية آرليت القائم سارتر بتحقيقها وتوضيبها ونشرها على الصيغة التي هي بين يدينا الآن.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
تم عمل هذا الموقع بواسطة