خذيني
خذيني
خذيني لجنوبِ أردافِك
حيثُ الرطوبةُ تغلف الأشجارَ
التي تنبجسُ من جسدكِ
خذيني للأرض العميقة
التي تنكشف بين سيقانكِ
لهذا الشمالِ الصغير لأثدائِك
خذيني للصحراء الباردة
التي تتربصُ بفمكِ
للواحة المنفية لسُرَّتك
لغَرْبِ تلك الأقدام
التي كانت مِلكي وتلك الأيدي
التي حبَستِ البحرَ والجبال
خُذيني مع القُبلة الأولى
لقرىً أخرى
للمنطقةِ اللانهائية
للغةِ والأزهار
لهذا المسارِ التناسليِّ
لنهرِ الرمادِ الذي يفيض منكِ
خذيني لكل الجهات يا روحي
وقودي أصابعي في كل الجهات
كما لو كنتِ أنت الوطن
وأنا ساكنُه الوحيد
ذكريات من المستقبل
أيقظتني أختي باكرا هذا الصباح
وقالت لي:
"انهضْ، عليك أن ترى هذا..
البحرُ امتلأ نجوما"
منبهرا بذلك الكشفِ المثير
ارتديت ملابسي وفكرت:
"إذا امتلأ البحر نجوما
فعليَّ أن أركبَ أولَ طائرة
وألتقطَ من السماء كل الأسماك
لتشعروا بالأمان أكثر
تعالوا أُنظروا إلى شِعري
فهو ليس مصنوعاً من مادةٍ خفيفة
سيتحملُ جيدا فصلَ الشتاء
وفي الصيف سيكون منعشا
للعقول والأبدان
بين كل بيتٍ وآخر
هناك عوارضُ قويةٌ
وألواحٌ تُسنِد كلماتي
وإذا أحبَّ المطر أن يتسربَ
سأضع فوق السقفِ أحلامي
وأسدُّ منافذَ القطرات بوجعي
سفينة الوداع
أنا الطفل العابثُ برغوة البِحَار الطريدة
عبرَ هذا الشاطئ المتَّشحِ بالنوارس
أبْسُط أذْرُعي كشِباكٍ واهنةٍ
فيما الأمواج تقرُصُ أحلامي
ودمعتي الوحيدةُ تتكسر فوق الصخور
الأرصفةُ الصخرية تطل على الشاطئ
تأتي حافيةَ القدمين لترقصَ فوقَ روحي
وفي شفاهها تأتي بالطحالب والشِعاب المرجانية
خميرةُ البحر تتحولُ إلى قُبلة
أحرِّك أقدامي ـ إذَنْ ـ كمجدافين قديمين
قلبي محيطٌ من الوجوه والأيدي
ألِجُ البحرَ دونما شعور
بحقائبي الرمليةِ
متشبثا بدَفَّة الريح
بقوْسِ السنوات
حيث ثمة صوت
هو ليس بصوتي
يرفع مرساة هذه السفينة الصغيرة
التي تبتعد حاملة طفولتي على ظهرها