هل أنتَ ظلٌّ؟
–نعم أنا ظلٌّ
والناسُ على هذه الأرضِ ظلالٌ
–هل أنتَ أعمى؟
–نعم أنا أعمى
والناسُ على هذه الأرضِ عميانٌ
–هل تمنحُني قليلًا من دمائِك؟
–مايسيرُ في عروقي فحمٌ سائلٌ،
أنا ميِّتٌ يارجلُ وأنتَ ميِّتٌ
فما جدوى الدماء؟!
–وهل يتحدثُ الموتى؟!
–نعم لأن الأرضَ لم تجد فينا ماتأكلُهُ
فتركتنا أشباحًا تهيمُ في البريَّةِ
–وهل الأرضُ جوعانةٌ؟!
–نعم لم يتركوا لها شيئًا
فلو وجدْتَ جثةً تنفجرُ منها الدماءُ
فاعلمْ بأن أنهارًا ستنفجرُ من عروقِنا
وأن أفواهَنا المنسيةَ منذُ عقودٍ
ستنبتُ لها ذاكرةٌ جديدةٌ
وأن حناجرَنا قادرةٌ
على ابتلاعِ عتمةٍ لانهايةَ لها
ولن نجدَ خفاشًا واحدًا
يحومُ في الأجواء.
–هل تعلمُ مَن بطلُ الحكاية؟
–هذا الصنبورُ
هو من كتبَ أيامَنا
لم تأتِ يدٌ بعد قادرةً
على غلقِه
لايصدقُ أن مايضخُه
هي دماؤُنا السوداءُ
وهذا النهرُ لم تبقَ منه
إلا قبلاتُنا المسروقةُ
وأن الماءَ ماهو إلا دموعُ عشاقٍ
ماتوا من كثرةِ البكاءِ
اعلمْ يارجلُ أننا انتظرنا طويلًا
ذلك الضوءَ السماويَّ
ولم يأتِ
– ولماذ لم يأتِ؟
– لأننا نسيرُ بظهورِنا
على أرضٍ لاتعرفُنا ولانعرفُها
ولأن الأشجارَ تنبتُ بظهورٍ محنيةٍ
والنساءُ ماعادت تلدُ إلا سلاحفَ وديعةً.
– انظرْ جيدًا إلى هذا الشرخِ
كلما أغلقتُه في الصباح
ينفتحُ مرةً أخرى في المساءِ
وهكذا قضيتُ عمري
أكنسُ الرَّمادَ الذي لاينتهي.