ما اسمُ هذه الشجرة؟ قلتُ لأهلهِ،

كان جسدُه وُضِعَ تحتَها تماماً

وكانوا ينوحون في حديقةِ بيتِهم،

حول صندوقٍ محشوٍّ بأسمال من عدمٍ وعواطفَ مثل التراب، 

مشطٌ صغير، ثلاثُ بقع نبيذ، قطرتا قهوة، أسنانٌ مرسومةٌ بالنيكوتين، 

وأصابعُ لم تعدْ تشير الى شيء.

حين لم يرد عليَّ أحدٌ،

التفتُّ الى نفسي وقلتُ:

الأكثرُ وجوداً هو الذي لا زمنَ له،

لا صفةٌ محددةٌ لقَصدهِ في عدسةِ الذاكرة،

لا أحدَ يعرف اسمه في الأبد، 

الآبدُ فيه الآن.

ملاحظة:

 السطور الثلاثة الأخيرة، هي من محتويات الصندوق،

أصبحتْ بهذا الوضوح بعد أن أجريتُ عليها تعديلاً.

 **

ربما وهو في داخلِ خشبِ الجسد،

يقولُ لمن يؤنِّبُهُ في سرَّهِ:

أنا الآن هائمٌ في راحةِ جنون ناقصٍ،

لولا الحدسُ لما كان الخوفُ، 

لو لا العقلُ لما كانت فكرةُ الحرمان،

ربما يقول المؤنِّبُ: 

عفواً لم أسمعْ ما قلت.

يقول الذي في صندوقِ جَسدِه:

لا شيء، فقط كنتُ أحاول أنْ أغيّرَ الفكرةَ، 

مرةً عندما لم أمتْ،

أخذتُ صُرةَ حياتي وذهبتُ الى الجنون ِكلِّهَ،

وصرتُ أنقرُ طعامي مثل ديك، وأشربُ مثل خروف، وحيناً، كنتُ أنبحُ مثل ديكٍ أيضاً،

حتى سقطَ جمهورُ الشارع من الضحك،

أخذتُ شراباً طبيّاً فصرتُ أبكي وأنا أمشي في الموسيقى،

وأنا أركضُ في الصور القديمة وأنا أسقطُ في فخاخِ الكتب،

مَرةً قرأتُ روايةً مُرةً مع دخان الصباح،

مَرةً كتبتُ ما هو أعلى من الشعر،

مرةً رأسي تطوَّحت في سحابةِ الشكِّ،

فلم أعد أعرف ما معنى وضعِ كلمةِ قمرٍ بجانبِ كلمةِ مزهرية،

أو إضافة كلمة أرقٍ الى مئذنة، حنين مع شامة، دمعة خضراء على حبل غسيل،

أو أجد الخوفَ معطوفاً على بحر.

 دون توضيحٍ أي بحر هو  المعني في النص.

تركتُ الكتابةَ، 

ركَبتُ لذةَ الجسد، 

كانت الفتيات تضعن ظهورهنَّ اللينةَ على الجدران 

وانا أطرق على بطونهن بأسناني، 

لكني أعطيتُ لآخر واحدةٍ حلمةَ ثديها ومشيت الى الفلسفة، 

مثل خيطِ حرير كنت، 

عقدة في عتبةِ وحي وأخرى في عتبةِ حي، 

أكلت خبز المادة من حقل الروح وشربتُ عرق الروحِ حتى تمدَّدتُ أمام نافذةٍ لا شيء بينها وبين الموتِ سواي،

أيها الموتُ دونكَ أعصابي المريضة فخذها.

لكنني صحوت وانا اطرق على محراب وأنده خلصني.

ربما يقول المؤنِّب: 

إلى الآن لم أفهمْ شيئاً،

ربما يقول الذي داخل خشبِ جسدهِ في حديقة البيت:

لا شيء، أنا فقط أحاولُ ترتيبَ الحكاية، 

كذبتُ لكي أعرفَ ما هو الصدق،

فقالوا كذّاب ونسوني هناك بهويتي الجديدة،

أنا أيضا نسيتُهم وقفزتُ من أعلى الخرائط

لم أسقطُ في البحر،

 لا على ناطحةِ غيم

لا في واحدةٍ من غابات أفريقيا،

كانت دكاكينُ الحربِ مفتوحةً بانتظاري.

ربما يقول المؤنِّبُ: 

لكنّكَ لم تمتْ هناك.

ربما يقول الذي في الصندوق: 

قادمٌ لك بالكلام لا تستعجل،

مرةً صرختُ بسؤالٍ من محطات الزمن السريع: ما الأخلاق؟ 

فتعجبتُ أناُ من صراخي العالي وتعجبَ الناسُ من السؤال،

وقلتٌ: ما الوطن؟ حدَّ بكاء يتيمٍ في عَتمة، حدَّ توقفِ رصاصةٍ في جبينٍ، 

حدَّ وجودٍ لا معنى له سوى في الغياب،

الغياب الذي أنا فيه الآن. 

حيث تجلسُ أنتَ عند صندوق جسدي وفي حديقة بيتي لتؤنِّبَ ميتاً.

سكتَ المؤنِّبُ، 

سكتَ الذي سألَ عن الوطنِ وهو في صندوق جسدِهِ برفقةِ عواطفهِ التي تشبه التراب وأصابعه التي لم تعد تشير الى شيء.

ذهبَ أهلُ البيتِ بجنازتِهم الى بيتِ الله،

وبقيتُ أنا تحتَ الشجرة، 

أعيدَ ترتيب الحكاية.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
تم عمل هذا الموقع بواسطة