مذ رحلتِ
وأنا اضمّد ندوب عتبة الباب
أسقي ذاكرة الشّرفات
بقصيدة بلا كلمات
مذ رحلتِ
وأنا أتفقّد ندى الصّباحات الغائبة
عن خدوش زجاج نافذتي
أربّي ضفائر خيباتي
على ظلال الأرصفة
أرتق عري أواخر الفصول الحزينة
وأروّض شفتيك كلّما تمرّدتا كغزال شارد
ألعن محلّ بائع الورد المقفل
و جاري البدين المزعج
إذ طردوه من الحانة سكران
و صراخ السياسيين في شاشة التّلفاز
و الشرطيّ الّذي يدوّن أسماء القتلى
و يدهس عقد الياسمين برجله
في المظاهرة الّتي لم تمرّ بنا
و صهريج شاحنة الإطفاء المثقوب
حين إحترقت أمانينا
مذ رحلتِ
وانا أرتشف بقايا أشلائي
أعدّ طاولتي العرجاء
في حانة الدّراويش
أحصي الأقداح بالقبلات
أملؤها بالعتمة
و لهفة النّادلة لعناق الغرباء
كلّما بدا طيفك خلف قباب المدينة
أهرول فتسقط منّي أسماء النّساء اللّواتي
نسين حمّالات صدورهنّ خلف الباب
أنتظر انحناءة قرص الشّمس
لأعيد رأسي الهارب منّي إلى مكانه
أراقب احتضار السّاعات على خدّ الجدار
و أغفو على أثر خطاك المبعثرة
صرتِ أحلى في الغياب
هكذا أخبرتني بطلة الرّواية
قبل أن تغادر الصّفحة الأخيرة
و تخفي عنوان الكتاب بين الشّظايا
تتسلّل إلى أسئلتي المنهكة
وتسرق ملامحك من ذاكرتي
أعيد استحضار صورتك
مثل صوفيّ فاتته وليمة الذّكر
فهجا شيخ الطّريقة
مذ رحلت
وأنا أمدّ جسدي على أطراف النّهر
لتعبر منه الأرامل و فلّاحات الحقول
وأتسوّل الدّمع من طفولتي المنسيّة

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
تم عمل هذا الموقع بواسطة