تزامنت بداية جيل الثمانينات مع كم من المتغيرات الاجتماعية والسياسية، شكلت تحولا حادا وجذريا، إذ شهدت بدايات انهيار الكتلة الشرقية، وتراجع القومية العربية، وتصاعد المد السلفي، ومع هذه التحولات الحادة كان غياب المقولات الكبرى والمتن لصالح الهامش متوقعا، وكان التأثير حادا ومفصليا داخل المشهد الشعري لمواكبة حركة التاريخ وحتميته، فكان التوجه إلى قصيدة النثر في موجة هائلة لا ترتبط بمجلة شعر اللبنانية أو مقولات سوزان برنار في كتابها الشهير " قصيدة النثر"، فالبطل لم يعد من يواجه الموت بل من يتقبل الحياة، وانتهى الشاعر النبيل والفارس وكذا المحفز وغابت النظرة البطولية وسقطة البطل الدرامية لصالح الإنسان بهزائمه وأخطائه ، وغدا التاريخ هو اللحظة المعاشة بما تحمله من صراعات ذاتية صغيرة وهامشية، وعلى المستوى الجمالي تعددت الأساليب الشعرية، فالتعبيرية التي سادت بصورها المتعددة في أجيال سابقة تم تجاوزها، والإشراق الصوفي في نصوص سعدي يوسف ومحمد عفيفي مطر لم يعد غاية للنص الشعري والطبيعة الاستعارية للقصيدة العربية تراجع أمام المجاز الكلي والصورة البصرية بما تحمله من ديالتيكية على حساب البلاغة اللفظية وانطلق الصوت الداخلي العميق ليتيح للنص مساحات من الحرية ويمنح الفرصة لتقديم اقتراحات شعرية متعددة وأنماط غير محدودة من النصوص، وكان جيل السبعينيات في مصر بما أحدثه من ثورة عبر حركتي إضاءة وأصوات قد قدم محاولات حداثية ولكن أغلبها دار في فلك أدونيس والشكلانية، فضلا عن الغموض الذي ساد الكثير من نصوصهم ، أوفي مقولات بدت معرفية مثيرة للجدل كقتل الأب والقطيعة مع التراث، ولم تقدم محاولات السبعينين في كتابة قصيدة النثر انحيازا جماليا مغايرا لما عرف بقصيدة التفعيلة – عدا القليل من النصوص- وكان الأمر لا يخرج عن التخلي عن إيقاعات العروض، وجاء جيل الثمانينات ليقدم قصيدة النثر برؤية جمالية مغايرة حيث الموازاة الرمزية والسرد الشعري، وتوظيف السرد الحكائي داخل النظام البنائي للنص والمجاز البصري، والصورة الكلية والممتدة وتوظيف المفارقة بشقيها اللفظي و النصيّ، وهو الجيل الذي تم تهميشه لصالح جيلي السبعينيات والتسعينيات على الرغم من دوره المحوري داخل المشهد الشعري المصري. ومن أبرز الأصوات في هذا الجيل كان فتحي عبد الله الذي قدم خمس مجموعات شعرية منها "سعادة متاخرة " وموسيقيون لأدوار صغيرة"، قبل أن يتوقف عن النشر لسنوات، ويصدر مؤخرا مجموعته السادسة "يملأ فمي بالكرز" قبل رحيله بأيام ، وفي مجموعته الثالثة " موسيقيون لأدوار صغيرة" تبدو نصوص المجموعة العشرين كقصيدة واحدة ممتدة حيث تشظي الذات داخل النصوص، وتتعدد صورها، وجاء العنوان عتبة النص الأولى كاشفا وجامعا للنصوص؛ فلم يحمل نصا داخل المجموعة هذا العنوان كما أنه ليس سطرا شعريا تضمنه النص، والأدوار الصغيرة تكشف عن السعي إلى الهامش والبسيط والعادي، وهي جملة أسمية بدت بالجمع لكلمة مُوسيقيّ وهو ما ينسب إلى الموسيقى، وهي فن تأليف الألحان وتوزيعها وإيقاعها بضروب المعازف، وبدا العنوان وكأنه يتحدث عن جوقة شعبية تتجول في الموالد والشوارع وتقدم عروضها كطقس شعبي فلكلوري، و"الموسيقى من ألصق الفنون بالشعر، إذ أنها تشكل عنصرا أساسيّا من عناصر العمل الشعري، ولا نستطيع نفي الصلة الشديدة بين الشعر والموسيقى، لإنهما يعتمدان على الأداء الصوتي وإن اختلفت لغاتهما واختلفت قدرتهما على هذا الأداء"1 وهي علامة سيميائية تفتح أفاقا دلالية غير محدودة، والموسيقيون مبتدأ لخبر شبه جملة "لأدوار"، وصغيرة صفة، وأدوار جمع دور والدور هو الطبقة من الشيء، ويعني كذلك المهمة أو الوظيفة، وقام بدور أي شارك بنصيب كبير، والدور هو ترتيب الشخص بالنسبة للآخرين، وفي الثقافة والفنون جزء من العمل المسرحي أو التلفزيوني أو السينمائي، وفي الآداب مقطع شعري في موشح أو زجل، فالعنوان يرتبط بالفنون التمثيلية والغنائية، وهو جزء من جسد النص يشكل مساحة من فضائه، ويتسع مع عتبات النص الداخلية مثل رجل النايات القصير، بيت للموسيقى، ضابط الإيقاع ، تراجيديا ، تمثيل... وكأن الحياة عرض درامي تتناثر الذات داخله في أدوار صغيرة، فتعدد الذات هو تيمة رئيسية داخل نصوص المجموعة التي يأتي السرد الشعري داخلها غالبا بضمر الغائب " هو" عدا نصوص قليلة مثل " وحشة" و " الحجرة كلها مياه" و" تمثيل"، وتبدو النصوص كلوحات متجاورة تكشف عن صور متعددة للذات الشاعرة في تناقضاتها وتجوالها داخل العالم الذي هو متاهة تبحث داخله عن تحققها من خلال تيمات متباينة مثل: الحضور والغياب، والانتقال من الخارج إلى الداخل، والكشف المتواصل عن كينونة هذه الذوات وهزائمها في صراعاتها المتواصلة من خلال سرد حكائي تنتج فيه التحولات داخل السرد والانتقال من لحظة إلى ما يليها حالة شعرية عبر صور المهمشين، وكأننا أمام جوقة موسيقية شعبية في مولد ولي، وهو ما يرتبط بالطقوس الشعبية في مصر ، وهذه الجوقة تتعدد داخلها الذات الشاعرة، وتتوحد بأفرادها، ففي نص "متاهة الإيقاع" تتشكل ثنائية الغياب والحضور من خلال الوحدة التي تعيشها الذات فلا أحد يسمع له، ولا يوجد من يجلس معه سوى فتيات يمارسن العبث بمفهومه العام وحياتهن المجانية، وعازف الكمنجة يمارس هروبه والهذيان أصاب الجميع، أنه الحاضر الغائب في زيارته الأولى ولا يتوقف الغياب عنده فالممثلون وبطلات الإعلان يشاهدهم كأشباح والمتاهة تأخذ الجميع والحفلة يرقصون داخلها دون ثياب، إنه عالم متسع شديد الرحابة، تبحث فيه الذات عن تحققها وتواصل انكساراتها وغيابها، والآخرون لا يختلفون عن تلك الذات، ولا يملكون إلا الرمال، والإيقاعات تأكلها الريح في رؤية صوفية للعالم حيث تتوحد الذات مع الآخر بل مع الجميع بصور متابينة، وتشكل التحولات داخل النص من لحظة إلى أخرى حالة تجمع بين التجوال في العالم والهذيان؛ كأننا أمام درويش ينتقل من بلد إلى آخر سائحا في فضاء العالم، ولا يعرف أين يستقر، أنه ينتقل من الزيارة الأولى إلى الجلوس مع فتيات يشربن البيرة والكوكايين، ويأخذنه إلى الغابة ليعزف بالكمنجة ثم ينتقل إلى الرجال ذوي الأسنان الصفراء، وبعدها يعود إلى الشوارع، ثم ينتقل إلى فلاح يحمل الحطب، وبعده الخيام المليئة بالإيقاعات ومن خلال هذه التحولات الزمنية، واللحظات الشعرية الخاطف تعيش الذات أزمتها وعدم استقرارها وتدور داخل متاهة لا يوجد أحد خارجها ، حيث تتوالد الحكايات من حكاية إلى أخرى دون أن تكتمل إحداها، ليصنع موازة رمزية مع العالم ويكشف عن جوهر الحياة ويلقي بالسؤال البديهي سؤال اللحظة كيف نعيش هذه الحياة ؟ إنها حياة بلا منطق وإن صنع النص منطقه الفني، وفي نص " ضابط الإيقاع" تتشكل صورة أخرى للذات، ويبدأ النص بوصف المغني بملابسه البيضاء الشفافة، وينتقل إلى العّواد، فعازف الكمان وعبر هذه التحولات يتشكل العالم من خلال المهمشين والبوهيميين، وتبرز ثنائية الحضور والغياب فلا أحد يذكر أو يشاهد، وفعل القتل يتكرر ( يقتلون الذكور في النهار ) و ( يذكر عدد المقتولين على بابه ) ومعها التحولات من خلال اللحظات الشعرية الخاطفة التي تصنع منطقها الفني، ومعها المفارقة التي هي في جوهرها رؤية فلسفية للعالم فالفتيات ينبحن والنمور تحرس حديقة هامة والمغني لا يشاهده غير صفوف من العميان تهلك أثناء الزيارة، وهم يلعبون " الدومينو" على مقهى العميان، وفي نص " وحشة" وهو من النصوص القليلة التي يتحدث فيها بضمير المتكلم ( أنا) تبدو لعبة الحضور والغياب منذ بداية النص لحظة كسر الصمت ( لا أصوات تؤنس وحشتي) ويختم النص:
(يفرشون السرير
بجوار حيوانات
تأكل نفسها
أثناء النهار.)
ومع تعدد الذوات واللحظات الشعرية تتعدد الأمكنة ويتسع معها فضاء النص فالسياق المكاني يحضر منذ البداية نص " حجرة الملابس" ويبدأ ( في حجرة الملابس رجل عجوز) وينتقل إلى أمكنة يتسع معها الحيز، وتظهر المسافة ( يرقص وحده أمام الكراسي)، ثم الغرفة المجاورة، فالحمّام، وينتقل إلى احتفالات الحصاد والفيضان، فالمسرح ، والمطعم، والقناة، والقوارب، وتعدد الأمكنة -والتي يشكل كل مكان منها علامة سيميائية- سمة داخل نصوص المجموعة فكما تتعدد الذات في تحولاتها، تتعدد الأمكنة والمسافات، ويقدم كل منها جمالياته الخاصة في تناص مع الجغرافيا والمعالم فالخيام والموالد والحجرات والحمام والغابة والشوارع والسرادق ومعارض البيع جميعها كائنة داخل العالم، تحمل سياقاتها ومرموزاتها الاجتماعية والسياسية، وتناولتها نصوص لا حصر لها عبر تاريخ الكتابة وعلاقاتها داخل النص هي ما تصنع هويته الخلافية، وهو ما يتوافق مع مقولة " جوليا كريستيفا " أن النص جهاز نقل لساني، يعيد توزيع نظام اللغة واضعا الحديث التواصلي، ونقصد المعلومات المباشرة في علاقة مع ملفوظات مختلفة سابقة أومتزامنة" 2 فالحجرة داخل النص ليست الحجرات التي نعرفها بل هي ما قادتنا إليه التراكيب اللغوية والأمر ذاته في الموالد والشوارع وحجرة البخار والسرلدق إن كل منها يرتبط بنسيج النص وعلاقاته المتشابكة ويدور في فضائه، وتعدد الأمكنة يتوافق مع تشظي الذات الشاعرة وتوحدها مع ذوات أخرى وفي الوقت ذاته فالسرد الشعري بوصفه فعل إنشاء وتشكيل لمجموعة من الأحداث المتتابعة والمترابطة لا يتحقق إلا داخل الأطر المكانية والزمنية والتي هي من عناصر السرد الرئيسية داخل فضاء النص "الذي يمكن فهمه من خلال عنصريه المكونين له وهما الزمان والمكان بوصفهما عنصرين متّحدين يكونان حدثّا شعريا، أو بالأحرى أننا نكشف عن الفضاء من خلال الحدث الشعري، فلكل حدث فضاؤه الخاص، ونحن نبتدئ بالحدث الشعري الأول وهو اللغة التي لا بد لها أن تشير إلى فضاء معين فضلا عن مرور (وجهة النظر) من خلال اللغة التي ترسم الشخصيات والأمكنة والأزمنة بنسق واحد.3 إن تداخل الفنون وتوظيفها داخل التص تتجاوز مفهوم تقنية الكتابة، فالفنون مساحة من جسد النص لا تتوافق مع الموسيقى أو التمثيل –فحسب – كما يشي العنوان أو الآلات الموسيقية المتناثرة داخله مثل الجيتارات والكمنجة والبيانو والعوّاد وضابط الإيقاع... فالحكاية والسرود بأنواعها والسيناريو والمشهد السينمائي جميعها حاضرة؛ بما تمثله من حالة ديالتيكية تمنح النص حيوية غير محدودة، وتصنع توترا دلاليا، يتوافق مع المرحلة التاريخية والمتغيرات الاجتماعية والثقافية والعلاقة الشائكة شديدة التعقيد مع الفنون البصرية، ومن خلالها يتجاوز البلاغة اللفظية إلى مجاز بصري ففي نص خلعاء يقول:
( بعيون واسعة
وكوفيات خضراء
هبطوا
درجات السلم
وصاحوا بين لحظة
وأخرى
لاهتزاز ذراعه الأيمن
بينما الموسيقى تأخذهم
لمياه عميقة)
إن تصاعد الحركة والصياح ولون الكوفيات والعيون الواسعة هي مشهد سينمائي يصل إلى ذروته مع الموسيقى التي تشكل مع الصياح مؤثرات صوتية، وهي تقنية تضمنتها نصوص المجموعة مثل:
( جاءوا بقمصان خفيفة
يتأوهون بين لحظة
وأخرى)
أو
( بكى عازف الكمان
وأشار إلى المغني
أن يهبط درجات السلم
قبل أن يفضح أسراره)
كما أن السرد الحكائي يمثل تقنية داخل النص، والحكاية هي الجدة العجوز للسرد كما يقال، والحكي سمة إنسانية في المجتمعات الإنسانية كافة بحسب "رولان بارت" وتدل كلمة الحكاية على سلسلة الأحداث الحقيقية أو التخيلية، ومختلف علاقاتها ( من تسلسل وتعارض وتكرار، إلخ)4 وتنوع السرد الحكائي بين تقنيات متعددة كالحكاية الحلم والخبر والسيناريو والخرافة وانتجت التحولات داخل الحكي توترا دلاليا، كما أن توالد الحكايات والانتقال من حكاية إلى أخرى شكل أزمنة متعددة داخل النص وهي زمن الحدث وهو زمن ينتقل من الخارجي إلى الداخلي، وجاءت الشخصيات جميعها هامشية فالبطل الأسطوري والنبيل والفارس لا وجود له، بل عالم من المهمشين والخلعاء والمنهزمين، إننا أمام عالم متخيل يصنع موازاة رمزية مع العالم لا ينتهي الصراع داخله بل يتجدد وفق الحتمية التاريخية ولا يتوقف أمام الأسئلة الأولى حول الماهية والجوهر ومن أين أتينا؟ وإلى أين نذهب؟ ولماذا نحن هنا؟ بل السؤال عن الحياة، كيف نعيش وسط هذه الوحشة وبين هذه المسوخ. وعلى الرغم من الموسيقى كعلامة سيميائية مركزية داخل النص وما تمثله الموسيقى من بهجة وتقدمه ومن متعة خاصة وعلاقتها شديدة الخصوصية بالشعر وهو ما اشرنا إليه سلفا، مع علاقتها داخل النص بالاحتفالات الشعبية، يمثل الموت علامة سيميائية داخل النص منذ مفتتحه في نص " حجرة الملابس" حيث الساحر ينتظر موته:
( ينحني في انتظار
من يحملونه
إلى الغرفةالمجاورة
يخلعون عنه الملابس
ويضحكون لرذاذ المياه
في الحمّام)
وتنتهي نصوص المجموعة بنصي "تمثيل" و"قميص أبيض لأبي" ويشكل الموت محورا لهما ففي نص " تمثيل" يبدأ النص:
( الأولاد يذكرونني
في الأعياد
أمام المقابر)
وفي نص " قميص أبيض لأبي:
( المعزون لم يتركوا
له بابا ليسمع المقرئ)
وهو ما يكشف عن العلاقة بين مفتتح النص لحظة كسر الصمت ونهايته فكلاهما يبدأ بالموت المصير المشترك للبشر، والموت ليس قاسيا إنه يبدو عاديا مألوفا ومتوقعا فالوحشة تكمن في الحياة وليست خارجها، فالموت لم يكن مزعجا أو مأسويا لقد أحاله إلى حالة من البهجة في مفارقة نصية وجدلية الحياة والموت تتوافق وثنائية الغياب والحضور، وتعدد الذات فالموتى يشكلون جزءا منها، والموت يتكرر في دورة غير منتظمة تبدو عشوائية حتى لو بدأ بالموت وانتهى إليه. إننا أمام خطاب شعري يحمل فرادته وخصوصيته ويسعى إلى تشكيل عالم بديل لا يبتعد كثيرا عن الواقع ويلعب فيه عنصر التخييل دوره في إنتاج شعرية تحمل صيرورتها التأويلية وجمالياتها الخاصة، تنطلق داخله الذات الشاعرة في تجوالها داخل العالم بأصوات متعددة وصور متتالية تتوحد خلاله مع الآخر، وكأنها جوقة موسيقية؛ ليصنع من خلالها أوركسترا الواحد في نص يجمع بين الصوفي والغرائبي والسوريالي، تتعدد داخله الأساليب الشعرية، ويحتفي بالفنون ويتمسك بها في مواجهة وحشية العالم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
2 -جوليا كريستيفا – آفاق التناصية – المفهوم والمنظور – ترجمة محمد خير البقاعي – الهيئة المصرية العامة للكتاب 1998ص37 3-د.محمد جاسم جبارة – جدل الشعر والأيديولوجية – الهيئة المصرية العامة للكتاب 2017 ص 199 4-جيرار جينيت – خطاب الحكاية – ترجمة محمد معتصم،عبد الجليل الأزدي،عمر حلمي - المشروع القومي للترجمة – المجلس الأعلى للثقافة - الطبعة الثانية 1997 ص 37