عادوا
شمالا
عادوا يرتبون الموج
يجهزون الملح للشتاء
ليس في وجوههم تضاريس الغياب
ولا في أياديهم أزهار للساحاتِ الفارغة
عادوا وفي قلوبهم
بحر من رحلتنا الأولى
حمام من جرحنا القديم
عادوا وفي جنائزهم
عزاء يابس بلا دموع
عادوا حينما فتح الله نوافذَ الكلامِ على مِصْرَاعَيْهَا
حينما نبتت شجرةُ التوت التي لا تلد
عادوا في صورتهم القديمة التي تكفي لموت آخر
بلا عودة، بلا سؤال ...
عادوا ، قال البحر : والحنين لمن صار بعدهم ؟ ...
عادوا
بدلا منا
إلى حلم الثلج
إلى جملة موسيقية
تسرق من كلماتها لحناً من ثقوب القصب..
عادوا من مسافات رسائل لم تقرأ
من ريش لغة عارية
من صوت مذياع ، من اختصار الطريق..
...
عادوا
إلى الينابيع القديمة
إلى آثارنا المرسومة بالرسم
على جدران القبور والمعابد..
المرسومة على جلد امرأة الفجر البعيد

عادوا
إلى أسمائنا الأولى، إلى أشعارنا
إلى هوائنا وساعات البحر التي تهدي خطاها لحلمنا
عادوا
إلى احتراق البنادق، كي يروا
ميلاد المدينة في وفاة القرية الأولى...
عادوا
إلى ياءِ النداء
وفاصلةٍ تغفو من تعب عينين تائِهَتين..
عادوا
إلى قتل الرعاة وسمك البحر
إلى غرس النخيل بدلاً من التوت والبرتقال
عادوا إلى نقل أطلال المعابد
وإلى حراسة المقابر والبحر ..
عادوا ليصطادوا الليل القديم من أغنيات الخريف
فراشات للحنين، وصيادون ولدوا تحت الرصاص
تحت ظلال قوارب البكاء ..
عادوا بلا مقدمة
إلى ذاكرة الماء
انتزعوا الاسم الأول "قرية الصيادين"..
عندها لم يبق للذاكرة أوراق الثبوتية..
عادوا
لكنهم نسوا قطع حبل السرة
لملح البحر فينا ولملح الدم فيه

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
تم عمل هذا الموقع بواسطة