بعتُ كل ما أملك ،
الخيال والأحلام
اليقين والأفكار
وأعطيت مدخراتى لسيد البحار زعيم المهربين،
من أجل أن ينقلنى عبر البحر الكبير إلى شواطئ أوروبا
كل حياتى وضعتها فى حقيبة ظهر
والسنوات التى قضيتها بين الصحراء والنيل
قذفت بها لأعلى مثل قصاصات أوراق،
نمزقها ونتخيل أنها عصافير تتماوج فى الهواء
وظل بى غضب لا تشفيه العبارة المصكوكة،
عن أن المكان الذى لا يؤنث لا يُعوّل عليه،
غضبان من البحر الكبير ،
يتحتم علىَّ أن أعبره فى قارب مطاطى
واحتمالاتُ موتى أكبر من احتمالات نجاتى
وغضبان من الصحراء والنيل
لا أريد أن أغادرهما ولا أطيق البقاء فى الهجير والعطش
والنيل يجرى أمامى زلالاً
وغضبان من نفسى ،
كيف انسربت كل تلك السنوات من بين أصابعى
حتى لم يعد أمامى إلا الموت فى هجير الصحراء،
عطشاً على شاطئ النيل
أو الموت غرقا فى البحر الكبير
وعلى شفتى ابتسامة الناجين،
وهم يخطون على أرض الثلج والشقراوات
.........
ثلاث ليالٍ وأربعةُ أيام ،
تحملنا موجة وتقذف بنا موجة
يتساوى من يموت منا رعباً
مع من يقفز يأسا فى عرض البحر
وعندما أنزلونا على أرض الثلج والشقراوات
تنفس الصبح مرة أخرى على هجير صحراء وشاطئ نهر يشبه النيل
وكنت أضحك وأنا أتذكر حقيبة ظهرى التى تضم أيامى الأخيرة وكلماتى ، وهى طافية على الماء ، تحملها الأمواج إلى المجهول ،
دون أن أجرؤ على القفز وراءها ،
مفضلا أن أكون بدون أيام ولا كلمات..
وها أنذا ، غريبٌ و وحيد
أتعلم من ملمس الأشياء التى تجرح أصابعى