بين الشجرِ المنسيةِ
وطورِ الأزل
الضوءُ الخارجُ من فمِ العتمة
الهاربُ من وجهِ البداية
صوتُ الريحِ وهو يتدلى على ظهرِ النيران
سنابل اللهبِ العاري من الجهات
حقائق الوقت
العالمُ الذي يتنفس برئةٍ مبلولةٍ بالكآبة
كهوفٌ تنجب المسوخَ البشريةَ كلَّ لحظة
أناي الذي يتناسخُ إلى آلافِ الصور
ذاتي المصلوبةُ على الورق في الساعةِ الأخيرةِ من الليل
أتحسسُ ظلي الهارب
كطريقتي الأولى في التمددِ
أتنفس كفأرٍ يمزقَ أعضاءه
وحدي
لم أتعرف على وجهي القديمِ إلا في المساء
كشبحٍ تعبره الحكاياتُ القادمةُ من البحر
لماذا نسي العشبُ أسطورته؟
ولماذا وقف المؤرخ خارج دائرة الزمن
هذا ما يراودني بالضبط
وأنا أتمخض تحت رَحِمِ الليل
لقد امتلأتُ بحصص التاريخ
وأنا ألهثُ خلف ظلي الممزق
حتى غدوتُ سجلا من الصور
وجثثا من الكلمات
طائرٌ ما يحمل جثتي
عرافٌ يفسرُ للأطفال لغزي
سيزيف القابض على المعنى يبكي ميلاد الأرض في قدومه الأخير
تنبأ بي
آخر عابرٍ على جناحِ الحكمة في الوقفة الأولى
وأنا أرصد كلمةَ الله على كتف شجرة الخليقة
تجلّتْ من بحبوحة العماء بلون العدم المتعدد في ذاكرةِ الريح
تدّلت
كبالونٍ على سلالاتِ الرؤيا
وجفونِ الرمل
أيها الضوءُ قفْ
وارصدْ أزمةَ العالم وهو يتبخرُ كدخانٍ هارب
كسرابِ المحيط
افتح أبوابَك السبعة
واكتبني في سجلِ القادمين
من عشبةِ الليل جرحا مفتوحا على الجهات
فللطريقة وحشةُ الريح
وللمدى عيونُ الماء
في الوقفةِ الثانية
اكتشفتُ صدى الروح
رأيت بهلولا بعينٍ واحدة
درويشا على مخلبِ الحقيقة
حاملا بسؤال الكينونة
أنا آخر العابرين إليك
وأول القادمين من سلالة العنقاء
لم أتذكر معنى البداية
لم أتحسس بقايا الطعام في حلوق الحصى
لم أعانق شجرةً
ولم أسمع أغنية في المجاز
ربكة الموت وهو يطارد في المنافي صغاره
أيها الحطاب خذني
إلى فوهة المجاز
وانظر إلى الهاوية
وقف معي وقفة في أكفِّ العشبِ
تفتح لك المعنى
إلى سراديبِ
المكاشفة