كم كانَ من الحيرةِ
أن تدخلَ البحرَ
بلا مُخيِّلةٍ ؟
وكم كان من المحزنِ أن يكونَ
المركبُ غارقاً في سأمهِ،
غريباً يتعثَّرُ بالموجِ والنسيان؟

كم كان من الخَجلِ
أن نتركَ الأشجارَ
تنام في المنفى
وحيدة؟

نحن في حصادٍ
نشرب من الرملِ
صبرنا الحجري،
نشرب ما تناثرَ
من بقايا الهبوبِ.

ليس مثل جلائِهِ
هذا الموتُ
يقود السفنَ
إلى المَرسى الأخير.
أيها البحّار
أنا مركبُكَ المُعباً بالشرودِ،
وبغابةٍ صفراءَ من بقايا
أشرعة قتلتها الرياحُ.
أيها البحّار
لماذا لا تلوحُ المراكبُ
وهي تؤوبُ بلا مجاذيفَ
أو فوانيسَ؟

جاءنا البحَّارُ وفي يديهِ
جماجمُ صقورٍ
وصناديق من كسرِ احلام.
أحزمْ متاعَكَ من الحيرة
أيُّها المسافرُ إلى المنأى.

على حافةِ البحرِ
ترجّل شفقٌ من الخطايا
وتعالتْ أصواتُ الطيورِ الحجريةِ
هناك
في عُمْقِ الحيرةِ
حيث لا عودةَ للجوادِ
الراكضِ إلى ضِدِّهِ.

قطيعٌ من الكلامِ الأسودِ
يسيلُ بلا معنى
مثل شرفةٍ مقطوعةُ الرأسِ
أو مثلُ ربيعٍ يجرُّ
هلوساتهِ
إلى المَذْبَح.
كان الصبحُ بلا أجنحةٍ
يخطُّ بدمهِ
على الرملِ
أغنيةَ الحربِ
أنغامُها الحمرُ ترددُ
حنينَ المراكبِ للخرافُةِ
أيها القُبْطانُ
الخشبيُّ
أنا المركبُ
المُعَبَّأُ بالدُّوَارِ
أنا الماءُ الكسولُ
أخذتني الأوهامُ إلى بيتي
فتعلّقتُ بأضويةِ الفنار.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
تم عمل هذا الموقع بواسطة