وشاءَ الرّبّ أن تهْبطَ الصّبايا
من دمْعتيْن عالقتيْن بِسكّةِ الْبرْق
إلى حبقٍ برّيّ بأقْصى الْمدينةِ
حافياتٍ، ومرْتبكاتٍ
من فوْرة النّهارِ الْموغلِ في خلْوتهِ
ومن منامِ الْفراشِ على فولاذِ الْعواصم
وشاءَ الرّبّ أن تفيضَ من أقْدامِهنّ
موسيقَى الماءِ الجوّالِ
ومن أكْمامِهنّ الرّياحينُ
والْعواصفُ الطّريةُ، والنّدى
وأن يمْشينَ دقائقَ معْدوداتٍ
بين خلاءٍ، وخلاءٍ
هائماتٍ، وممْطراتٍ
ومثلَ ْساحراتِ الْمعاركِ الْقديمةِ
يمْلأنَ أكْياسَ الْحطّابينَ بالصّدى
والْحَصى
والْقُرى التي أُخرِجتْ من غرقٍ مبْهمٍ
إلى ضجرٍ جديدٍ
ومثل سبائكِ الْفضّة، والْياقوتِ
يضئْن غياباتِ النّسْيانِ
هنّ الملكاتُ الْمُتّشِحاتُ بالرّذاذِ
ومسْكِ الأقاصِي
الْمغسولاتُ بالضّوءِ، والنّدى
الْمترَدّداتُ على الْقلبِ
مثل ضبابِ السّواحلِ
هنّ رائحةُ التّلالُِ في أول الشّتاءِ
ورشّةُ الْبرقِ في معابرِ الظّلامِ
طمأْنينةُ الْمعْلولِ الْمقيمِ في سهْوهِ
هدْأةُ الْوادي الْمحْمولِ إلى طيْشِ الْعواصفِ
والْجرحُ الْعائدُ إلى دمهِ
هنّ السّلامُ،
وهنّ الضّجيجُ الْمشْتهى
شاء الرّبّ أن يأتينَ وحيداتٍ
ويمضينَ وحيداتٍ
مثل دمعةٍ ضالّةٍ خدشتْ فِضّةَ الْقلبِ
واحْتضنتْ بخارَ الْودْيانِ!